الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة والصدمات النفسية

 

 

 

الأطفال ذوو الإعاقة الذهنية النمائية والأطفال على طيف التوحّد معرّضين بشكل أكبر لتجارب صادمة من أنواع متعددة:

  1. الإهمال الجسدي والعاطفي.

  2. الاعتداء الجسدي والجنسي.

  3. الصدمات الثانوية الناتجة عن التقييد أو العزل أو من تدخلات أخرى تُستخدم لتنظيم سلوك الأطفال الذين يشكّلون خطرًا على أنفسهم أو على الآخرين.

  4. غالبًا ما يخضعون لإجراءات طبية متكررة بسبب معاناتهم من أمراض أو حالات مزمنة تتطلب عمليات جراحية أو تدخلات طبية مؤلمة، مما يجعلهم في خطر مرتفع للإصابة بصدمات طبية.

 

الأطفال ذوو الإعاقات النمائية يعانون غالبًا من نفس أعراض الصدمة التي يعاني منها الأطفال الآخرون، مثل اضطرابات النوم والقلق.
ومع ذلك، تظهر الأبحاث أن هناك تقليلاً في التبليغ عن نسب تعرضهم للصدمة النفسية، وذلك لأسباب عدّة:

  1. بعضهم يجد صعوبة في إيصال ما مرّ به من تجارب أو مشاعر بسبب صعوبات في التواصل أو الفهم.

  2. المربّون والمختصون غالبًا ما يعزون التغييرات السلوكية الناتجة عن الصدمة إلى الإعاقة العصبية أو النمائية، مما يؤدي إلى تشخيص خاطئ أو متأخر.

  3. هناك تشابه بين أعراض الإعاقة وأعراض الصدمة، مثل الانسحاب الاجتماعي أو القلق، مما يجعل من الصعب التمييز بينهما.

  4. نقص الأدوات التشخيصية المخصصة والمثبتة علميًا لهذه الفئة من الأطفال، بالإضافة إلى قلّة الأبحاث التي تتناول تقييمهم وعلاجهم بشكل متخصص.

 

كيف نميّز ردود الفعل الصادمة لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟

في أعقاب تجربة صادمة، يُلاحظ عند كثير منهم ظهور مشاكل صحية ونفسية متنوعة.
وقد تتفاقم الصعوبات الاجتماعية نتيجة فرط النشاط، الغضب، أو الانسحاب الاجتماعي. وغالبًا ما تظهر علامات الضيق من خلال اضطرابات في الأكل والنوم، وزيادة في أعراض التوحد مثل صعوبات التواصل والمهارات الحركية والاجتماعية.
وقد تستمر هذه الأعراض حتى سنة بعد الحدث الصادم إذا لم يتلقَّ الطفل العلاج المناسب.

 

 

علامات سلوكية شائعة يجب الانتباه لها:

  • تغييرات مفاجئة في السلوك: نوبات غضب غير معتادة، عزلة اجتماعية، سلوك عدواني لم يكن موجودًا من قبل.

  • تغيرات في أنماط النوم: صعوبة في النوم، كوابيس، الاستيقاظ المتكرر ليلاً.

  • سلوكيات تنظيم ذاتي مفرطة: تأرجح الجسد، الاهتزاز، أو سلوكيات تكرارية متزايدة.

  • تراجع في الأداء اليومي: فقدان مهارات مكتسبة، مثل السيطرة على التبول أو التغوط.

  • سلوك تجنبي: الخوف من أماكن أو أشخاص لم يكونوا يثيرون القلق سابقًا، أو محاولة تجنّب الحديث عن الحدث الصادم.

 

 

علاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، وخاصة أولئك الذين يعانون من إعاقات ذهنية نمائية، معرضون بشكل متزايد لتجارب صادمة ولتطوير اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
ورغم ذلك، غالبًا ما لا يحصل هؤلاء الأطفال على العلاج الكافي، وذلك بسبب تحديات تتعلق بـ:

  • تشخيص الحالة: صعوبة التمييز بين أعراض الإعاقة وأعراض الصدمة.

  • التواصل: العديد من الأطفال يواجهون صعوبات في التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم، מה שמקשה על איתור המצוקה.

  • معتقدات خاطئة: هناك افتراضات لدى بعض المختصين بأن الأطفال ذوي الإعاقات لا يمكنهم الاستفادة من العلاج النفسي، דבר שמוביל להזנחת הצורך בטיפול.

ومع ذلك، تظهر الأبحاث الحديثة أن تدخلات علاجية مُعدّلة – خاصة تلك التي تدمج بين دعم الأهل والتدخلات السلوكية – يمكن أن تكون فعّالة جدًا في مساعدة هؤلاء الأطفال على الشفاء والتعافي.

 

 

ألعلاجات الملائمة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بعد التعرض للصدمة

1. العلاج السلوكي المعرفي المركّز على الصدمة (TF-CBT) – مع تعديلات ملائمة
يُعد العلاج السلوكي المعرفي المركّز على الصدمة من أكثر الطرق المدروسة والفعالة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لدى الأطفال. مع ذلك، يجب تعديله ليناسب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة:

  • تبسيط المفاهيم المجردة باستخدام صور وقصص وأمثلة واقعية.

  • إطالة مدة العلاج لإتاحة الوقت الكافي لفهم المهارات وتطبيقها.

  • تكرار المصطلحات والتقنيات بوسائل متعددة لتعزيز التعلم.

  • إشراك الأهل والمقدّمين للرعاية بشكل فعال في العلاج.

  • استخدام أدوات بصرية مثل الدمى، الرسومات، ومساعدات لتوضيح المشاعر والمواقف.

برامج العلاج "أنتم معي" (Atem et) تعتمد على هذه الطريقة، وقد أظهرت فعالية أولية أيضًا لدى عدد من الأطفال على طيف التوحد خلال حرب "سيوف من حديد"، حيث تم العلاج في المنزل بمرافقة الأهل، واستخدمت أدوات بصرية وألعاب وسيناريوهات مرئية لتقليل القلق وتحسين الأداء.

 

مبادئ إرشادية للمعالجين:

1. منهج شمولي يأخذ بعين الاعتبار الإعاقة والصدمة معًا:

  • فردانية: كل طفل يختبر الصدمة بشكل فريد.

  • ملاءمة شخصية: مراعاة القدرات والقيود الحسية والمعرفية.

  • تعاون متعدد التخصصات: دمج اختصاصيين بالتربية الخاصة، علاج وظيفي، وعلاج نطقي.

2. إشراك الأسرة والمعالجين الشخصيين:

  • تدريب الأهل على فهم أعراض الصدمة وتقديم الدعم العاطفي.

  • استمرارية العلاج في البيئة اليومية – البيت والمدرسة.

  • تطوير لغة مشتركة للتحدث عن التجربة والذكريات المزعجة.

3. مقاربة نظامية (نظام دعم متعدد المستويات):

  • تنسيق الجهود بين الأطباء والمعلمين والمعالجين.

  • دمج استراتيجيات العلاج ضمن البرامج التعليمية.

  • ضمان استمرارية الدعم عند التنقل بين الأطر التعليمية.

4. تكييف وسائل التواصل:

  • استخدام صور، رموز، وأجهزة تواصل مدعومة.

  • استخدام لغة بسيطة، خالية من الاستعارات.

  • رواية القصص الاجتماعية (Social Stories) لشرح المواقف.

  • دعم الفهم العاطفي باستخدام وسائط مرئية.

 

مراحل العلاج

1. الأمان والتثبيت:

  • خلق بيئة آمنة ومألوفة.

  • تقليل المحفزات الحسية المزعجة.

  • تدريب على تقنيات تهدئة الجسد (تنفس، استرخاء عضلي).

  • بناء ثقة وعلاقة ثابتة مع المعالج.

2. معالجة الصدمة:

  • تعرض تدريجي للذكريات والمحفزات المؤلمة.

  • استخدام اللعب، الفن، والحركة لتفريغ المشاعر.

  • صياغة قصة مفهومة عن الحدث الصادم.

  • إعطاء معنى وتفسير لما جرى يساعد في تجاوز التجربة.

3. الدمج وتعلم مهارات الحياة:

  • تطبيق المهارات المكتسبة في الحياة اليومية.

  • تعزيز المرونة النفسية والتكيف مع الضغوط.

  • بناء نظام دعم دائم يشمل الأسرة والمؤسسات.

  • خطة مواجهة المحفزات المتوقعة مستقبلاً.

  • تنفيذ برامج توعية للوقاية وتقليل خطر الصدمة في الأطر التربوية.

 

الملخص

يتطلب علاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة نهجًا شاملًا، مرنًا، ومُخصصًا للفرد. رغم التحديات الفريدة التي تفرضها هذه الفئة، تُظهر الأبحاث أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يمكنهم الاستفادة الكبيرة من التدخلات العلاجية المناسبة عند تكييفها لاحتياجاتهم الخاصة.
تعتمد فعالية العلاج بشكل كبير على التعاون بين المعالج، الأسرة، والأنظمة الداعمة الأخرى في حياة الطفل – مثل المدرسة أو مقدمي الرعاية – إلى جانب الاعتراف بقدرات الطفل الذاتיות على التعافي والنمو.